كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الحافظ الذهبي في كتاب العلو- بعدما ساق هذا- ما نصه:
وهو قول أهل السنة قاطبة، أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم، كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، لا نخوض في لوازم ذلك نفيًا ولا إثباتًا، بل نسكت ونقف، كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل، لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره، والسكوت عنه، ونعلم يقينًا مع ذلك أن الله جل جلاله، لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
ثم قال الذهبي: قال الإمام العلَم، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف الشهيرة، في كتابه مختلف الحديث: نحن نقول في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم}، أنه معهم، يعلم ما هم عليه، كما تقول للرجل وجهته إلى بلد شاسع: احذر التقصير فإني معك، يريد أنه لا يخفى علي تقصيرك.
وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إن الله سبحانه بكل مكان، على الحلول فيه، مع قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ومع قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب}، كيف يصعد إليه شيء هو معه؟ وكيف تعرج الملائكة والروح إليه وهي معه؟ قال: ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرتهم، وما ركبت عليه ذواتهم من معرفة الخالق، لعلموا أن الله عز وجل هو العلي وهو الأعلى، وأن الأيدي ترفع بالدعاء إليه، والأمم كلها عجميُّها وعربيها يقول: إن الله في السماء، ما تُركت على فِطَرِها. انتهى.
ثم قال الذهبي أيضًا: عن يزيد بن هارون شيخ الإسلام، أنه قيل له: من الجهمية؟ قال: من زعم أن: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} على خلاف ما يقر في قلوب العامة، فهو جهمي.
قال الذهبي والعامة، مراده بهم، جمهور الأمة وأهل العلم، والذي وقر في قلوبهم من الآية، وهو ما دل عليه الخطاب، مع يقينهم بأن المستوي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، هذا هو الذي وقر في فطرهم السليمة، وأذهانهم الصحيحة، ولو كان له معنى وراء ذلك، لتفوهوا به، ولما أهملوه، ولو تأول أحد منهم الاستواء لتوفرت الهمم على نقله، ولو نقل لاشتهر. فإن كان في بعض جهلة الأغبياء من يفهم من الإستواء ما يوجب نقصا أو قياسًا للشاهد على الغائب، وللمخلوق على الخالق، فهذا نادر. فمن نطق بذلك زُجر وعُلم، وما أظن أحدًا من العامة يقر في نفسه ذلك- والله أعلم- انتهى.
وقال الشيخ الإمام العارف قدوة العارفين، الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله روحه في كتابه تحفة المتقين وسبيل العارفين في باب اختلاف المذاهب في صفات الله عز وجل، وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه} قال إسحاق: في العلم، إلى أن قال: والله تعالى بذاته على العرش، علمه محيط بكل مكان والوقف عند أهل الحق على قوله: {إِلاَّ اللّهُ}.
وقد روي ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته على العرش، ويعلم ما في السموات والأرض، إلى أن قال: ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ} وابتدؤوا بقوله: {استوى له ما في السموات وما في الأرض} يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه، وهذا خطأ منهم، لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته.
وقال في كتابه الغنية: أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الإختصار، فهو أن تعرف وتتيقن أن الله واحد أحد.
إلى أن قال: لا يخلو من علمه مكان، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش، كما قال جل ثناؤه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وقال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، والنبي صلى الله عليه وسلم حكم بإسلام الأَمَة لما قال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لما خلق الله الخلق، كتب كتابًا على نفسه، وهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت غضبي».
وفي لفظ آخر: «لما قضى الله سبحانه الخلق، كتب على نفسه في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي».
وينبغي إطلاق صفة الإستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، لا على معنى القعود والممَاسّة، كما قالت المجسمة والكرامية، ولا على معنى العلو والرفعة، كما قالت الأشعرية، ولا على الإستيلاء والغلبة، كما قالت المعتزلة، لأن الشرع لم يرد بذلك، ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث، ذلك، بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق.
وقد روي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}: «الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به واجب، والجحود به كفر».
وقد أسنده مسلم بن الحجاج عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيحه، وكذلك في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله قبل موته بقريب: أخبار الصفات تُمر كما جاءت، بلا تشبيه ولا تعطيل، وقال أيضًا في رواية بعضهم: لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذه الأماكن، وفي كتاب الله عز وجل، أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه رضي الله عنهم، أو عن التابعين، فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود، فلا يقال في صفات الرب عز وجل كيف؟ ولِمَ؟ لا يقول ذلك إلا شكاك.
وقال أحمد رضي الله عنه في رواية عنه، في موضع آخر: نحن نؤمن بأن الله عز وجل على العرش كيف شاء، وكما شاء، بلا حد ولا صفة يبلغها واصف ويحدها حاد، لما روي عن سعيد بن المسيب، عن كعب الأحبار، قال، قال الله تعالى في التوراة: أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق جميع خلقي، وأنا على عرشي، عليه أدبر عبادي، ولا يخفى عليّ شيء من عبادي.
وكونه عز وجل على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل، بلا كيف، ولأن الله تعالى- فيما لم يزل- موصوف بالعلو والقدرة والإستيلاء والغلبة على جميع خلقه، من العرش وغيره.
فلا يحمل الإستواء على ذلك، فالإستواء من صفات الذات، بعد ما أخبرنا به، ونص عليه وأكده في سبع آيات من كتابه، والسنة المأثورة به، وهو صفة لازمة له، ولائقة به، كاليد والوجه والعين والسمع والبصر، والحياة والقدرة، وكونه خالقًا ورازقًا ومحييًا ومميتًا، موصوف بها، ولا نخرج من الكتاب والسنة، نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، ونَكِل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل، كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله، كما وصف الله تعالى نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته.
لا تفسير له غيرها، ولم نتكلف غير ذلك، فإنه غيب لا مجال للعقل في إدراكه، ونسأل الله تعالى العفو والعافية، ونعوذ به من أن نقول فيه وفي صفاته ما لم يخبرنا به هو أو رسوله عليه السلام. انتهى كلام الكيلاني قدس سره.
وروى أبو إسماعيل الأنصاري في ذم الكلام وأهله عن أبي زرعة الرازي، أنه سئل عن تفسير: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فغضب وقال: تفسيره كما تقرأ، هو على عرشه، وعلمه في كل مكان، من قال غير هذا فعليه لعنة الله.
وأسند عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازًا وعراقًا، ومصرًا وشامًا ويمنًا، فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه، بائن من خلقه، كما وصف نفسه، بلا كيف، أحاط بكل شيء علمًا.
تنبيهات:
الأول: في بطلان تأويل استوى باستَوْلَى:
قال الإمام عبد العزيز بن يحيى الكِنَانِي، صاحب الشافعي رحمهما الله تعالى، في كتاب الرد على الجهمية:
زعمت الجهمية أن معنى استوى استولى من قول العرب: استوى فلان على مصر، يريدون استولى عليها. قال: فيقال له: هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه، وذلك لأنه أخبر أنه سبحانه خلق العرش قبل خلق السموات والأرض، ثم استولى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: المدة التي كان العرش قبل خلق السموات والأرض ليس بمستول عليه فيها، ثم ذكر كلامًا طويلًا في تقرير العلو والاحتجاج عليه.
وقال ابن عرفة في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا داود بن علي قال: كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال: ما معنى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟ قال: هو على عرشه كما أخبر، فقال: يا أبا عبد الله! إنما معناه استولى.
فقال: اسكت، لا يقال استولى على الشيء حتى يكون له فيه مضاد، فأيهما غلب قيل: استولى، والله تعالى لا مضاد له، وهو على عرشه كما أخبر. ثم قال الاستيلاء بعد المغالبة، كما قال النابغة:
إلا لمثلك أو من أنت سابقه ** سَبْق الجواد إذا استولى على الأمد

وروى الخطيب البغدادي عن محمد بن أحمد بن النضر قال: كان ابن الأعرابي جارنا، وكان ليله أحسن ليل، وذكر لنا أن ابن أبي دؤاد سأله: أتعرف في اللغة استوى بمعنى استولى؟ فقال لا أعرفه!
وفي رواية: أرادني ابن أبي دؤاد أن أطلب له في بعض لغات العرب ومعانيها: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} استوى بمعنى استولى، فقلت له: والله ما يكون هذا، ولا وجدته. وابن الأعرابي أبو عبد الله كان لغوي زمانه- كما قال الذهبي-.
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه الذي سماه الإبانة في أصول الديانة، وقد ذكر أصحابه أنه آخر كتاب صنفه، وعليه يعتمدون في الذبّ عنه، عند من يطعن عليه، فقال:
فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة:
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون.
قيل له: قولنا نقول به التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وما روي عن الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول أبو عبد الله أحمد بن حنبل، نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته قائلون، ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أَبَان الله به الحق، ودفع به الضلال، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين.
ثم قال في باب الاستواء على العرش: إن قال قائل: ما تقولون في الإستواء؟ قيل له: نقول: إن الله مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقد قال الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه}، وقال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}، وقال حكاية عن فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}
كذّب موسى في قوله: إن الله فوق السموات، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}، فالسموات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السموات قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، لأنه مستو على العرش الذي هو فوق السموات، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السموات، وليس إذا قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، يعني جميع السماء، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات.
ألا ترى أن الله ذكر السموات فقال: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}، فلم يرد أن القمر يملؤهن، وأنه فيهن جميعًا.
ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم، إذا دعوا، نحوالسماء لأن الله على العرش الذي هو فوق السموات، فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطونها، إذا دعوا، إلى الأرض.
ثم قال:
فصل:
وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أنه استولى وملك وقهر، وأن الله عز وجل في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان هذا كما ذكروه، كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة، لأن الله قادر على كل شيء، فالله قادر على الأرض، وعلى الحشوش، وعلى كل ما في العالم.
فلو كان الله مستويًا على العرش بمعنى الإستيلاء، وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها، لكان مستويًا على العرش، وعلى الأرض، وعلى السماء، وعلى الحشوش والأقذار لأنه قادر على كل الأشياء، مستول عليها، وإذا كان قادرًا على الأشياء كلها، ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول إن الله مستو على الحشوش والأخلية، لم يجز أن يكون الإستواء على العرش الإستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها، وجب أن يكون معنى الإستواء يختص العرش دون الأشياء كلها.
وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل. انتهى.
قلت: وكلام أبي الحسن الأشعري الأخير مأخوذ من كتاب رد الإمام أحمد على الجهمية، حيث قال في كتابه المذكور:
ومما أنكرت الجهمية الضُّلال أن يكون الله سبحانه على العرش، فقلنا لِمَ أنكرتم ذلك؟ إن الله سبحانه على العرش، وقد قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}، قالوا: هو تحت الأرضين السابعة كما هو على العرش، فهو على العرش، وفي السموات، وفي الأرض، وفي كل مكان، لا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان.
وتلَوا آيات من القرآن: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}
فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة، وليس فيها من عظمة الله شيء فقالوا: أي: مكان؟ فقلنا: أحشاؤكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب سبحانه شيء، وقد أخبرنا أنه في السماء، فقال سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}، وقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} وقال: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ} وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه} وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم}، وقال: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه}، وقال: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} فهذا أخبر الله أنه في السماء، ووجدنا كل شيء أسفل مذمومًا.